إن الاكتئاب هو اضطراب شائع من اضطرابات المزاج يمكن أن يكون خفيفاً أو متوسطاً أو شديداً وهو سبب رئيسي من أسباب الإعاقة وربما الانتحار . يمكن أن يكون سبباً من أسباب الحالات المرضية كما يمكن أن يكون بذاته سبباً لظهور أعراض مرضية يصعب تفسيرها وبالتالي يصعب تمييزه عن الحالات المرضية وفي مثل هذي الحالات لا بد من البحث عن الأعراض النفسية للاكتئاب وخاصة ً منها :نقص الاهتمام وفقدان المتعة .. وبمعنى آخر فإن الاكتئاب قلما يتم تشخيصه لذا فإن من الضروري فحص المريض الذي يتظاهر بهجمة مرض نفسي مترافق باضطراب مرضي فحصاً سريرياً كاملاً(خاصةً إذا لم يشك المريض أو ذويه من مرض نفسي أو لم يكن في سيرة المريض سبب نفسي واضح ) .
ويترافق الاكتئاب مع أعراض يصعب تفسيرها مثل : آلام عامة مزمنة ، نقص الوزن ، اضطراب الإدراك (العته ألشيخي الكاذب الاكتئابي ).
كما يختلط الاكتئاب بالحالات المرضية ويتظاهر بإعاقة وبنقص التزامه بالمعالجة والنقاهة الطبيعة المطلوبة . ويقلل من عمر المريض الافتراضي ويقترح بعض الباحثين أن مريض الاكتئاب الأساسي التالي للاحتشاء القلبي أو السكتة الدماغية يموت سريعاً ( أسرع ممن لم يصب بمثل هذه الحالات المرضية ) .
نسمع من الكثيرين أن الغذاء يمكن أن يؤثر في مزاج الإنسان فهل هناك غذاء خاص للمصابين بالاكتئاب ؟!
ويكون جواب الأخصائيين مع شيء من التحفظ : ربما لا يوجد مثل هذا ما لم يعاني الشخص من عوز بعض العناصر الغذائية الرئيسية وذلك لأننا نعلم بأن نقص عدداً من العناصر الغذائية يمكن أن يؤثر في المزاج ، وحتى ولو كان الغذاء متكاملاً من معظم العناصر الأخرى . وبالتالي يمكن للبعض الاستفادة من تدعيم غذائهم لتحسين حالة مرضهم كما أننا على علم من أن البعض أضاف فيتامينات لغذاء مرضاهم ولكن هذا الأسلوب ليس بالأسلوب الناجح دوماً وقد فسر البعض هذه الحالات غير الناجحة بالقول :
أن طبيعة الناس مختلفة وبالتالي فإن حاجتهم للغذاء مختلفة.
أن الأغذية تحتوي على بعض السموم التي يمكن أن تزيد حاجة الشخص من بعض العناصر أو يمكن أن تتلف بعض العناصر الغذائية التي يستهلكه.
كذلك ماء الشرب يمكن أن يحتوي على بعض السموم التي لها نفس التأثير السابق ذكره.
والهواء الذي نستنشق يمكن أن يكون ملوثاً وله نفس التأثير السيئ.
وهناك جزيئات غير ثابتة عالية الطاقة في الجسم تدعى بالجذور الحرة تسبب التلف والضرر لخلايا الجسم وتزيد من حاجته الغذائية.
ممارسات الإنتاج الزراعي السيئ والرغبة في زيادة الإنتاج تنقص القيمة الغذائية للأغذية.
عموماً يمكن القول أن الغذاء يمكن أن يؤثر في المزاج وما تختاره من أطعمه يمكن أن يكون له أثر في حالة العقل وتؤكد الأبحاث المتعلقة بالاكتئاب أن الغذاء غير الكافي يمكن أن يسبب أو يساهم في حدوث الاكتئاب . وعندما لا يتناول المراهقون كفايتهم من العناصر الغذائية تكون لديهم كل الفرص للإصابة بنوع من الاكتئاب طويل الأمد يدعى أو تتملكه أفكار عن الموت، أو الرغبة في الموت وربما محاولات للانتحار، وهذه بعض الدراسات في هذا الموضوع :
في دراسة ميدانية لدى 724امرأة تبين أن من تشتكي منهن من سوء التغذية لديهن احتمال كبير أن يصبن بالاكتئاب الكبير وعندما يوضع المصابون بالاكتئاب على حمية غذائية فقيرة بالحمض الأميني تريبتوفان فأن الاكتئاب يتعاظم لديهم . والمعروف أن هذا الحمض الأميني موجود في الأغذية الغنية بالبروتين .
وتحدث البعض عن دراسة تقييم الماغنيسيوم والكالسيوم في السائل الدماغي ألشوكي لدى أشخاص مصابين بالاكتئاب ومحاولات الانتحار تبين وجود ارتفاع في مستويات الكالسيوم لدى المصابين بالاكتئاب العادي وانخفاض في مستوى الماغنيسيوم لدى المصابين بالاكتئاب الانتحاري .
كما تبين في أبحاث أخرى أن عدم تناول المقادير الكافية من الأحماض الدهنية عديدة الروابط غير المشبعة ، ومن الفيتامينات المضادة للأكسدة ومن حمض الفوليك وفيتامــــــــين ب -12 يصاحبه الاكتئاب .
كما تقول أبحاث أخرى أن المحلي الصناعي أسبارتام يمكن أن يساهم في الاكتئاب وكذلك في بعض المشاكل النفسية وغير النفسية.
ويشير خبراء منظمة الصحة العالمية إلى ”أن الاكتئاب هو السبب الأول في الولايات المتحدة والسبب الثالث الأعظم في الدول الأوربية وراء الإصابة بمرض القلب والسكتان الدماغية” ومع تزايد الأمراض ازدادت الدراسات التي تبحث عن الأسباب الممكنة والعلاجات المقترحة ومنها الحمية العلاجية اعتقاداً بأن تزويد الجسم والدماغ بالكميات المطلوبة من العناصر الغذائية يمكن أن يكون فيه الشفاء والوقاية من الاكتئاب .
واقترحت في هذا الصدد الدعم الغذائي بعدة عناصر كالتريبتوفان الذي يعتقد بفائدته لهؤلاء المرضى فهو مرخي طبيعي للأعصاب ويقلل من حدة القلق والاكتئاب ، ويقوم بعدة وظائف صحية ويزيد كذلك من مستويات السيروتونين حيث تبين أن مرضى الاكتئاب ذوي السلوك الانتحاري لديهم عوز ونقص في الناقل العصبي (سيروتونين) الذي يتكون من الحمض الأميني تريبتوفان.
ويعتقد كذلك أن مشتقات الأحماض الدهنية 3 -Omega أوميغا -3 ضرورية لصحة عمل الوظائف العقلية وأن نقص أو عوز الأحماض الدهنية الأساسية وزيادة الأحماض الدهنية المشبعة (الحيوانية المنشأ) تؤدي لتشكيل جدر الخلايا الأقل سوائل من الجدر الطبيعية .
والدماغ أغنى مصدر للأحماض الدهنية في جسم الإنسان لذا فإن أي تبدلات في سوائل جدر الخلايا يمكن أن يؤثر في السلوك والمزاج والوظيفة العقلية فقد نجح استخدام الأحماض الدهنية أوميغا -3 في لندن في تصحيح اضطرابات جدار الخلية لدى المرضى المصابين بمرض الشيخوخة المسمى بالزهايمر .
وأنه من سوء حظنا أننا نتخلص من كثير من الأحماض الدهنية الأساسية في غذائنا لتحسين المنتج أحياناً أو لرفع مدة صلاحيته أحياناً كما نفعل في عملية طحن القمح حيث نفقد مضغة حبات القمح التي تحتوي على مقدار جيد من الأوميغا -3 وكذلك عندما نتخلص من الدهون لإطالة مدة صلاحيتها . والمصدر المتبقي لنا هو الأسماك التي تعيش في المياه العميقة فقد وجد أن الاكتئاب يتضاعف 60مرة عند سكان نيوزيلندا أكثر من سكان اليابان لأن سكان اليابان من آكلي لحوم الأسماك .
إرشادات غذائية لمرضى الاكتئاب
تناول المصادر الغذائية الطبيعية الغنية بالحمض الأميني ((التربتوفان )) الصانع الرئيسي للناقل العصبي السيروتونين في المخ وهذه الأطعمة السمك، الدجاج ،الجبن الأبيض ، الشوفان .
تجنب شرب الكحول والمنبهات كالقهوة والشاي الأحمر لاحتوائها على الكافيين .
تناول الكربوهيدرات المعقدة والتي ترفع مستوى الجلوكوز في الدم والذي يساهم في رفع مستوى التربوتوفان في المخ وتتمثل في الخضروات والفواكه الطازجة ، البقول ، الأرز الكامل (البني ) ، الخبز الكامل .
تشجيع المريض على تناول مقادير كافية من البروتينات لتعويض ما فقده جسمه عند ضعف شهيته للطعام أثناء المرحلة الحادة للاكتئاب ، كما أن الغذاء الغني بالبروتين يزيد إنتاج الدوبامين والنورايبنفيرين والذي يقوي الانتباه واليقظة ويجعل المريض يميل للتفكير والعمل بسرعة ونشاط ، على أن تكون هذه البروتينات عالية القيمة الحيوية مثل اللحوم الحمراء ، الدواجن والأسماك وذلك لاحتوائها على أحماض دهنية أوميغا 3 والتي تترافق مستوياتها مع ارتفاع السيروتونيين .
تناول غذاء غني بالكالسيوم مثل الحليب ومنتجاته وذلك لأن الضغوط النفسية تقلل مستوى الكالسيوم في الدم .
تناول المقدار الكافي للجسم من الدهون غير المشبعة حيث أن ذلك يقلل من تطور الاكتئاب ومن أهم المصادر الغذائية للدهون غير المشبعة (عديدة عدم التشبع) هي (زيت الذرة ،دوار الشمس ،زيت فول الصويا ، زيت العصفر )
الحصول على المصادر الغذائية الغنية بفيتامين (ب المركب ) وخاصة (ب1 ،ب2 النياسين ،ب6، ب12 ، فيتامين أ ، فيتامين ج ) وبعض العناصر المعدنية الهامة مثل (الحديد والمغنيسيوم والنحاس) ، وذلك لفائدتها لتحسين وظائف الجهاز العصبي في الإنسان ، وجميعها تتوفر في البروتينات الحيوانية ، الخميرة ، الحبوب الكاملة ، الخضروات ، الفاكهة .
الاهتمام بالحصول على المصادر الغذائية الغنية في حمض الفوليك حيث يقل مستواه في الدم بين ( 15- 38 %) لدى مرضى الاكتئاب البالغين ، وما قد يصاحب ذلك من الإصابة بالأنيميا واضطرابات في الجهاز الهضمي . وأهم مصادره الغذائية الكبد و الكلاوي والخميرة والليمون والبرتقال والفراولة وبعض الخضروات خاصة ً اللوبيا والسبانخ والقرنبيط .
عند تناول أدوية مضادة للاكتئاب مثل مثبطات المونوأمينواوكسيديز (MAO) يجب الامتناع عن الأطعمة المحتوية على التيرامين لاحتمال حدوث تفاعلات خطيرة مع هذا المركب ، من هذه الأطعمة : الأجبان المخزنة (كالتشيدر ، الرومي ، القشقوان ،الركفورت ، والموزاريلا ) الجوز ، الموز ، الأفوكادو ،كبد الدجاج ، الباذنجان ، الشيكولاته ، القهوة ، الفول المدمس ، السجق ، حبوب السمسم ، الرنجة ، صلصة الصويا ، الخميرة ، الزبادي . وبشكل عام يجب تجنب أي طعام غني بالبروتين تعرض للتخليل أو التحلل أو التعتيق أو أي عمليات مشبهة .
تجنب ألأطعمة الغنية بالدهون المشبعة المقلية كالهامبرجر ومنتجات كنتاكي والمقليات الفرنسية ، حيث أنها تسبب الكسل وبط ء التفكير والإجهاد عند ارتفاع الدهون المشبعة في الدم فإن ذلك يتعارض مع سهولة تدفق الدم حيث تجعل خلايا الدم لزجة وتميل للتكتل مع بعضها مؤديةً إلى إضعاف الدورة الدموية خاصةً في المخ .
يفضل الابتعاد عن الكربوهيدرات البسيطة مثل السكريات لان احتراق السكريات البسيطة داخل الجسم يتم بسرعة وسرعان ما تزول الطاقة الناتجة عن الاحتراق ويليها الإجهاد مما يزيد من أعراض الاكتئاب
يفضل استبعاد منتجات القمح مثل( خبز البر ) حيث وجد هناك علاقة بين جلوتين القمح والاكتئاب .
هناك نوع من الأدوية يسمى (مجموعة الليثيوم كربونات )تتأثر بنوع الغذاء حيث أن الصوديوم ( الملح ) يقلل من خروجها من الجسم فيصاب المريض بتسمم الليثيوم وما يصاحب ذلك من الإصابة بمرض السكر ، في حين أن الكافيين الموجود بالقهوة والشاي يزيد من إخراج الليثيوم وبالتالي يقل مستواه في الدم ، وعلى ذلك فإن المريض الذي يتعاطى هذه المجموعة من الأدوية عليه الإقلال من نسبة الملح في الطعام وكذلك عليه الإقلال من تناول القهوة والشاي .
و هناك بعض الأدوية الأخرى تؤدي إلى زيادة شهية المريض للطعام وبالتالي الشراهة في الأكل وزيادة الوزن لذلك يوصى بمراقبة وزن المريض تفادياً لحدوث زيادة كبيره في الوزن مع وصف غذاء قليل السعرات الحرارية من قبل أخصائي تغذية علاجية كفء يتفهم جيداً تفاعلات الغذاء مع الدواء
كما يجب تقييم الوزن المسجل أسبوعياً لإعادة تقييم الحالة الغذائية واكتشاف الأعراض الناتجة عن فقدان الوزن (خاصةً إذا كان فقد مفرط أو مفاجئ ) وتحديد ما إذا كان سببها الأدوية أو قلة الطعام المتناول ( قلة الشهية أو عدم كفاية السعرات الحرارية الموصوفة للمريض ) .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق