العلاج النفسى الذاتى



                               



يعانى الكثيرون في عصرنا الحالي من القلق النفسي والتوتر وعدم القدرة على التوافق

النفسي و الاجتماعي و من الملاحظ أن الإنسان يحاول دائماً أن يعالج مشكلاته النفسية

بنفسه و أن يبذل الكثير من الجهد كي يعالج آلامه النفسية وقلقه واضطراباته بإتباع أساليبه

الخاصة و اقتراحات المحيطين به و التي كثيراً ما تدفع به إلى الاتجاه الخاطئ و مع تزايد

تناقضات هذا العصر و إحباطاته و تعدد الأزمات و الضغوط المادية و الاجتماعية و
 كثرة و تعقد


المشكلات النفسية التى يواجهها الفرد أضف إلى هذا موقف رجل الشارع من الطب النفسي 

المعاصر و هو موقف له أسبابه لذا فقد تنبه أخيراً بعض علماء الطب النفسي و العلاج النفسي

إلى أهمية ابتكار وسائل علاجية وأساليب يمكن للفرد إتباعها بنفسه دون اللجوء إلى الطبيب 

النفسي إلا فى الحالات الشديدة التى تستدعى ذلك خاصة بعد أن أكدت عدة دراسات عدم

إلمام بعض المعالجين و الأطباء النفسيين بمدارس و طرق العلاج النفسي الحديثة و تمسك 

البعض بالأساليب التقليدية التى ثبت عدم فاعليتها بصورة قاطعة و فشلها فى علاج الكثير 

من الاضطرابات النفسية لذلك كان من أهم أهداف هذا الموقع عرض عدد من الأساليب العلاجية

الذاتية الشيقة و التي ينتمي بعضها لاتجاهات حديثة فى العلاج النفسي و بعضها ابتكره الباحث

من أساليب نابعة من التراث الديني و الثقافي تمكن الشخص العادي أن يمارسها بنفسه لعلاج

القلق و بعض الاضطرابات النفسية و السلوكية و سوء التوافق النفسي و الاجتماعي و لتحقيق 

مزيد من الوعي و الصحة النفسية العلاج النفسي الذاتي ما هو ؟ 

لكي نجيب على هذا السؤال يجب أولا أن نعرف ما هو العلاج النفسي فالعلاج النفسي هو معرفة

أسباب الصراع و الاضطراب عند الفرد عن طريق فحص أفكاره و انفعالاته و سلوكه ثم محاولة تغييره 

و تخليصه من الإدراك الخاطئ لنفسه و للآخرين و تقوية ثقته بنفسه ليصبح أكثر قدره على التكيف

مع نفسه و مع المجتمع و القدرة على علاج المشكلات و الإنتاج و الإبداع و ان يكون أكثر وعياً

و اتزاناً و ذلك بالطبع فى حدود قدراته الشخصية و بالدرجة و النوعية التى يختارها هو بنفسه .

و لكن السؤال الذى يطرح نفسه بالتالي هو  هل يستطيع الفرد أن يكتشف الشخص بنفسه 

مصادر الصراع و التوتر فى داخله و ان يتعرف على الافكار الخاطئة و الانهزامية المشوهة و المبالغات 

الانفعالية التى تدفعه إلى المرض و سوء التوافق النفسي و الاجتماعي ؟ هل يستطيع أن ينمى 

وعيه واستبصاره إلى الدرجة التى تمكنه من ذلك ؟ 

و هل يستطيع أن يتعلم أن يعبر عن نفسه وعن انفعالاته خارج إطار العلاقة العلاجية التقليدية ؟

و ان يعدل أفكاره و سلوكياته الخاطئة و السلبية ؟ إن كل تلك الأسئلة وغيرها يمكن إجمالها 

فى شكل سؤال آخر هو : هل يمكن أن يكون هناك علاج نفسي ذاتي ؟ و الإجابة هي : نعم 

إن العديد من مدارس العلاج النفسي الحديثة أصبحت تعترف بأن الإنسان قادر بالفعل على 

توجيه سلوكه من خلال المعرفة الواعية و التدريب المنظم على تعديل أفكاره و سلوكه طبقاً 

لقواعد العلاج النفسي الحديثة و أحيانا تكون تصرفات الفرد غير مفهومة بالنسبة له و بالصدق

مع النفس و استمرار الشخص فى ملاحظة أفكاره و تصرفاته و نتائجها و تسجيل ذلك و تأمله

و دراسته بشكل منتظم يمكنه من فهم أسباب و دوافع سلوكياته و تصرفاته خاصة عندما تتكرر

فى المواقف المختلفة و يمكن للإنسان أيضا أن يكتشف أسباب الخلل و أسباب التوتر 

و الاضطراب بل و علاجها و التخلص منها و لو بدرجه محدودة و مع ازدياد و استبصار الفرد بنفسه

و حرصه على الاستمرار فى طريق النمو النفسي و تعلم المزيد من المهارات و السلوكيات

الملائمة و تجريبها و أختبارها فى مواقف عملية و يصبح أكثر قدرة على شفاء نفسه بنفسه 

بحيث يتخلص من الانفعالات المعوقة و من الافكار الهدامة و غير المنطقية و ان يصبح أكثر نضجا 

ووعيا و توافقا و إتباع برنامج علمي منظم لبلوغ هذه الدرجة من الصحة النفسية بالاعتماد على

رغبة الفرد و إرادته ووعيه هو ما يسمى بالعلاج النفسي الذاتي و تميل بعض الاتجاهات فى 

الوقت الحالي إلى الاعتماد على الفرد نفسه فى علاج مشكلاته النفسية. 

و يرى بعض علماء النفس مثل "اريكسون" إن السلوك فى مراحل النمو بعد سن البلوغ يكاد

أن يخضع لتحكم العقل الواعي و الشعور بشكل حاسم و بالتالي فان الفرد يستطيع أن يعي وان 

يفهم و لو بدرجة محدودة فى البداية دوافع و أسباب سلوكه و ان يتحكم فيها و لقد اتجهت الكثير

من أبحاث و دراسات الآونة الأخيرة إلى ابتكار العديد من الطرق والأساليب التى يمكن للفرد العادي

أن يمارسها دون الاستعانة بمعالج نفسي و قد أطلقوا عليها كما ذكرنا اسم أساليب الضبط الذاتي 

وبرنامج العلاج الذاتي المطروح فى هذا الموقع يجمع بين تنمية الوظائف و الذهنية والمعرفية و بين

أساليب تعديل الاتجاهات و السلوك معا و هذا برنامج متكامل يعتمد على بعض الأساليب المختارة

من بعض مدارس العلاج الحديثة بعد تعديلها لتلائم طبيعة الإنسان و المجتمع العربي هذا بالإضافة

إلى أساليب أخرى مبتكرة تعتمد على حقائق و أسس علوم النفس و الاجتماع و الفلسفة و الدين

و يتضمن العلاج النفسي الذاتي وظائف قريبة من الإرشاد النفسي و أفكاره الغير منطقية و الهدامة

و ان يتعلم الوسائل التى تمكنه من ملاحظة ذاته دون إسراف و من إزالة العوائق الانفعالية مما 

يساعده على اكتساب المزيد من النضج و النمو و الصحة النفسية و يؤدى تعديل الجوانب المعرفية

و الانفعالية و السلوكية لدى الفرد لتغييرات ايجابية فى حياته مثل تنمية وظائف التحكم و القدرة 

على التركيز فيما يقوم بعمله و تنمية السلوك المرن و التخلي عن أنواع السلوك الغير ناضجة 

مثل التعصب سرعة الغضب شدة الحساسية النكوص و الاعتمادية و السلوك الطفلى عند مواجهة

الازمات و الشدائد و من التغيرات الايجابية الأخرى التى تحدث فى شخصية الفرد نتيجة تعديل

الجوانب المعرفية و الانفعالية و السلوكية قبول النفس و قبول الآخرين و التسامح و ازدياد القدرة

على عقد صداقات و علاقات اجتماعية تتسم بالقوة و الدفء و الفهم و التسامح فالعلاج الذاتي

يعتمد على رغبة الفرد فى تعديل سلوكه و بلوغ درجة ارقي الصحة النفسية من النمو و نلاحظ

أن هذه العملية بأكملها طبيعية و ان التغيير الحادث لا يتم بصورة تمثيلية أو تجريبية مفتعلة داخل

الغرف المغلقة فى العيادات النفسية و ان مسئولية النمو النفسي و التغير تترك بدرجة كبيرة

للفرد و أرادته .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق